سورة الأعراف - تفسير تفسير ابن الجوزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعراف)


        


قوله تعالى: {أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة} فيه قولان:
أحدهما: أن أهل النار أقسموا أن أهل الأعراف داخلون النار معنا، وأن الله لن يدخلهم الجنة، فيقول الله لأهل النار: {أهؤلاء} يعني: أهل الأعراف {الذين اقسمتم لا ينالهم الله برحمة، ادخلوا الجنة} رواه وهب بن منبه عن ابن عباس. قال حذيفة: بينا أصحاب الأعراف هنالك، اطَّلع عليهم ربهم فقال لهم: «ادخلوا الجنة فاني قد غفرت لكم».
والثاني: أن أهل الأعراف يرون في الجنة الفقراء والمساكين الذين كان الكفار يستهزؤون بهم، كسلمان، وصهيب، وخبَّاب، فينادون الكفار: {أهؤلاء الذين أقسمتم} وأنتم في الدنيا {لا ينالهم الله برحمة} قاله ابن السائب. فعلى هذا، ينقطع كلام أهل الأعراف عند قوله: {برحمة}، ويكون الباقي من خطاب الله لأهل الجنة. وقد ذكر المفسرون في قوله: {ادخلوا الجنة} ثلاثة أقوال.
أحدها: أن يكون خطاباً من الله لأهل الأعراف، وقد ذكرناه.
والثاني: أن يكون خطاباً من الله لأهل الجنة.
والثالث: أن يكون خطاباً من أهل الأعراف لأهل الجنة، ذكرهما الزجاج. فعلى هذا الوجه الأخير، يكون معنى قول أهل الأعراف لأهل الجنة {ادخلوا الجنة}: اعلوا إلى القصور المشرفة، وارتفعوا إلى المنازل المنيفة، لأنهم قد رأوهم في الجنة. وروى مجاهد عن عبد الله بن الحارث قال: يؤتى بأصحاب الأعراف إلى نهر يقال له: الحياة، عليه قضبان الذهب مكلَّلة باللؤلؤ، فيُغمسون فيه، فيخرجون، فتبدو في نحورهم شامة بيضاء يعرفون بها، ويقال لهم: تمنَّوا ما شئتم، ولكم سبعون ضعفاً، فهم مساكين أهل الجنة.


قوله تعالى: {ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة} قال ابن عباس: لما صار أصحاب الأعراف إلى الجنة، طمع أهل النار في الفرج بعد اليأس، فقالوا: يا رب، إن لنا قرابات من أهل الجنة، فائذن لنا حتى نراهم ونكلِّمهم، فنظروا إليهم وإلى ما هم فيه من النعيم فعرفوهم. ونظر أهل الجنة إلى قرابتهم من أهل جهنم فلم يعرفوهم، قد اسودَّت وجوههم وصاروا خلقاً آخر، فنادى أصحابُ النار أصحاب الجنة بأسمائهم، وأخبروهم بقراباتهم، فينادي الرجل أخاه: يا أخي قد احترقتُ فأغثني؛ فيقول: {إن الله حرَّمهما على الكافرين} قال السدي: عنى بقوله: {أو مما رزقكم الله}: الطعام. قال الزجاج: أعلمَ الله عز وجل أن ابن آدمَ غيرُ مستغنٍ عن الطعام والشراب، وإن كان معذَّباً.


قوله تعالى: {الذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً} قال ابن عباس: هم المستهزئون. والمعنى: أنهم تلاعبوا بدينهم الذي شرع لهم. وقال أبو رَوْق: دينهم: عيدهم. وقال قتادة: {لهواً ولعباً} أي: أكلاً وشرباً. وقال غيره: هو ما زيَّنه الشيطان لهم من تحريم البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام، والمكاء، والتصدية، ونحو ذلك من خصال الجاهلية.
قوله تعالى: {فاليوم ننساهم} قال الزجاج: أي: نتركهم في العذاب كما تركوا العمل للقاء يومهم هذا. وما نسق على كما في موضع جر. والمعنى: وكجحدهم. قال ابن الانباري: ويجوز أن يكون المعنى: فاليوم نتركهم في النار على علم منا ترك ناسٍ غافلٍ كما استعملوا في الإعراض عن آياتنا وهم ذاكرون ما يستعمله من نسي وغَفَل.

9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16